السبت، 26 سبتمبر 2015

مع رابحي وبومعزة, الأديبين.


خاصة 


مع الشاعر عبد الكيرم العيداني







http://www.elhayat.net/article33397.html


في سنوات الاستعمار الفرنسي, كان الطفل الجزائري يوجّه إلى الكتّاب في سن الرابعة, أو الخامسة, وفي سن التاسعة أو العاشرة ينتقل إلى مساعدة أبيه في تحمل أعباء البيت ومشاق الحياة, في الحقل أو في أي مهنة أخرى, بينما يواصل على الأقل أبناء الطلْبة(حفظة القرآن), وبعض المحظوظين ختم القرآن, والذي يكون عادة من 12 إلى 15 سنة, ومن ثمة يكون على كل واحد منهم الهجرة إلى مشاتي, وقرى جديدة, لتأسيس كتاتيبهم الخاصة, طلبا للرزق ونشرا للعلم.
بهذه الطريقة حفظ الكتّاب الهوية الجزائرية في مراحل من تاريخ أمتنا كما لم تفعل أي مؤسسة أو هيئة أخرى, وقد نجحت تلك الخلايا المنتشرة في كلّ قرية, ومشتى, وكل تجمع سكني مهما كان تعداده في بناء ذلك الحائل بين الأهالي وكل محاولات الإدماج والصهر والطمس الممارسة عليهم من طرف أكبر قوة استعمارية في المنطقة آنذاك.
بعد الاستقلال, فرض التعليم النظامي, فتراجع أداء الكتّاب بسرعة, مع ذلك فقد ظلّ يؤدي دورا تعليميا, وتربويا, مؤثرا, فيتعلم الطفل في سنة أو سنتين, حروف الهجاء وبعض قصار السور, ليكون قد أنجز أشواطا قبل الدخول إلى مدارس الدولة ما يسهل عليه فيم بعد عملية التعلّم والتلقي.
أما اليوم فقد أصبح الكتاب يلعب دور دار الحضانة, أو الروضة, والسنة السادسة صار معناها سنة الخروج بالنسبة لغالبية المتعلمين, أما البقية, فتتسرب شيئا فشيئا بعد ذلك بما فيهم أبناء الطلْبة الذين كغيرهم أصبحوا يريدون الاكتفاء بالتعليم النظامي, ولم يعد يصل إلى مدى رحلة الستين إلا حالات نادرة هنا, وهناك, لأنّ الأمر مرهق فعلا, فأذكر أننا ندخل الكتّاب على الساعة السادسة صباحا ونخرج منه في الثامنة مباشرة إلى المدرسة, ثم من المدرسة إلى الكتّاب, لكي نحظى بعدها بساعة نتغدى فيها, ونلعب, وأيضا بسبب قسوة الظروف المعيشية لعامة الشعب, وإفراط بعض معلمي الكتاتيب في استعمال العنف, وهذا مشهود ومشهور.
قد يعتقد البعض أن عصر الكتاتيب مضى من غير رجعة, وأن المناهج العلمية الحديثة ستحلّ محلّه عاجلا, أو آجلا ولكنّي, أعتقد أنّه ككل شيء في هذه الحياة يحتاج فقط إلى تطوير, وإعادة بعث, فلن يختلف اثنان على أن مجتمعنا اليوم يرزح تحت نير انحلال خلقي ليس له مثيل, وقد تكون مسببات هذا الانحلال كثيرة كالتغيير في التوجه الاقتصادي, والعشرية السوداء, وزحف العولمة ولكن, ألا يكون لتراجع أداء الكتاتيب دور في هذا الانحلال؟
قد يحتاج الجزم بهذا إلى دراسة معمقة, وقد لا يكون صحيحا لكن, الأكيد أن الكتّاب إضافةٌ وفرصة للمجتهدين ليحققوا تفوقهم, ولتستغل الطاقات الاستثنائية, ولا تضيع.
هو لن يكون بديلا عن المدرسة الحديثة لكن, من الممكن أن يرافقها, فكما قال حافظ:
كم من طبيب قد أحلّ بطبه
ما لا تحل شريعة الأعراقِ
قتل الأجنّة في البطون وتارة
جمع الدوانق من دم مهراقِ
من الجيد أن يحظى التلاميذ بفرصة التعليم النظامي الذي ينمّي العقول ويوجهها إلى طرق التفكير المنطقي الموضوعي, لكن العلم وحده قد يبني القنابل النووية, والبيولوجية, ويخرب البيئة, ويفعل الأفاعيل, لذلك يكون من الرائع دائما أن يحظى الطفل بالإضافة إلى التكوين العلمي إلى تكوين روحي يوجه علمه فيم بعد إلى ما فيه خير البشرية, وليس إلى دمارها, وهلاكها.

السبت، 1 أغسطس 2015

http://www.elhayat.net/article29080.html

سنة 849 م كلف الخليفة العباسي (الواثق) بسبب رؤيا جاءته في المنام, كلّف (سلام الترجمان) بالقيام برحلة إلى حصون جبال القوقاز للبحث عن سدّ يأجوج ومأجوج، بالطبع لم تفض الرحلة إلى نتيجة لكن ما كتبه سلام الترجمان كان مثيرا للعجب, فقد صور السدّ النحاسي, والحرّاس, ومراكز المراقبة, وطمأنوا الخليفة أن ياجوج وماجوج مازالوا وراءه وأن طول الفرد منهم شبر ونصف, وهذا يعطي لمحة عن طابع أدب الرحلة, الذي لابد أن يعتمد الغرابة, والإثارة ولو بالتزوير والتلفيق, وهذا مشهود وثابت في أدب الرحلة على مر العصور, فأين هي الحقيقة في الإيلياذة والأوديسة وملحمة جيلجامش ومروج الذهب ورحلة بني هلال؟ 
كلها تندرج على خرافات لا يقبلها القارئ المعاصر.
وقد ازدهر أدب الرحلة في أوروبا ورافق الحملات العسكرية في أفريقيا وآسيا, ومنذ نشوء الإمبراطورية الرومانية, إلى فرنسا الاستعمارية, لا تخلو حملة من مؤرخين وباحثين يقومون بهذا العمل المقيت العنصري, يخدمون بأقلامهم حملات استعباد ونهب ثروات الآخر والترغيب في حربه وازدرائه وشيطنته, وقد قدم التجار والعسكريون البرتغال قزمين نمساويين لإحدى ملكاتهم على أنهما زوج من الهنود الحمر للاستمرار في تقتيلهم.
إذا كان أدب الرحلة المطروح في ديوان اليوم هو من هذه الشاكلة فقد ذهب غير مأسوف عليه, وقد ترك الأمر أو سيترك لا محالة للمناهج الحديثة, والدراسات الاجتماعية الجادة, 
بإمكاننا اليوم أن نعلن موت أدب الرحلة لهذه الأسباب الموضوعية, ولأسباب أخرى ذاتية, أولها أن أديب اليوم لم يعد رحالة, بل سائحا, وبين الرحلة والسياحة فرق شاسع, الرحلة متاعب وأخطار, ومفاجآت, أما السياحة فمتعة وراحة وتسلية, ولو قدر لأحد الكتاب أن يسافر إلى داعش, أو أفغانستان, فلن يفوت تلك الفرصة, ولن يتركها تمضي دون أن يؤرخ لها, وللأخطار التي تكبدها, والمشاهد التي عاشها, ولكن الكتاب يفضلون تركيا, وفرنسا, والثانية أن السفر صار متاحا للكثير, فلن تقرأ كتابا عن بلد بإمكانك أن تراه بعينيك, وقد ساهمت وسائل النقل الحديثة في ذلك التراجع, فالطائرة تقلك من مطار هواري بومدين وتلفظك في غايتك مباشرة, ولو كان الإنسان يسافر ماشيا أو على بغلة فسيكون الوقت أمامه طويلا للكتابة وسيصادف حتما مشاهد يريد أن يرويها من القرى والمدن التي يرتاح ويبيت فيها. 
مات أدب الرحلة ولكن رحلة الأدب مستمرة, فكل رواية, وقصيدة, وقصّة, ومسرحية هي
رحلة في المكان, وأيضا في الزمان والذات.

الجمعة، 3 يوليو 2015

برزخ الخلود, باكورة الشاعرة سهام بوقرة
انطباعات القراءة الأولى, بقلم شوقي ريغي
منذ سنوات تألقت في مسابقة شاعر الحرية التي نظمتها قناة الجزيرة, وتألقت في الظل سنوات قبل ذلك, وها هي الشاعرة سهام بوقرّة تتكرّم لتزف إلى قرائها أخيرا باكورة أعمالها الشعرية, برزخ الخلود, وهي مجموعة من 14 قصيدة مقسمة بالعدل بين شعر حرّ يغلب فيه الرمل (فاعلاتن) ثلاث قصائد, وأرجوزتين (مستفعلن), ومحاولة واحدة في كل من المتقارب (فعولن), والوافر (مفاعلتن), أما العموديات السبع فقد احتل الصدارة البحر الكامل ثلاث قصائد, وقصيدتين من مجزوء الرمل, ومحاولة واحدة في كل من المتقارب والبسيط.
والملاحظ في موسيقى الديوان أن الشاعرة تعمدت بحورا تامة, استحضرتها من عوالم الشعر الأولى, وكأنها عودة إلى الأصل من أجل بدء جديد, وهذا ما يصبغ أعمالها بألوان الكلاسيكية, حتى أنها لا تتوانى عن التصوير الفوتوغرافي والذي كان سائدا في زمن مضى, فنراها تقول في وصف قسنطينة:
صرْح تحلّى بالرخام كأنه
طلل لها سبأ الملوك تعثرا
منه المربع والمثلث صف به
شرفات وصل للجموع ومنبرا
ولا عن المدح الصريح المباشر:
يا (بابطين) رعاك الله من رجل
في خدمة العلم سقت الدرب أسفارا
آثرتها لغة القرآن كنت لها
أزرا يمد مع التقدير دولارا
فقد بعثت الشاعرة إلى الحياة تلك الإيقاعات الموغلة في القدم, والإيقاعات هذه هي ما جرها إلى طرق مواضيع ذبحها سيف العصر, وهي ما جعلها تستسلم بسهولة للحشو والذي يكون في بعض الأحيان مضرا أكثر من كونه حشوا, فهي تقول مثلا:
زرعوك بالشوك العقيم وأذبلوا
فيك الجمال بوصفه المتعدد
فوصف الشوك بالعقيم ينبغي أن يكون يخفف وقع الفجيعة لأن مصيبة الشوك أنه يتناسل ويتجدد, وقولها:
مني إليك أزفها رقراقة
عبر الحمام الزاجل المتهدهد
فلفظة المتهدهد لا تقود إلى معنى واضح, وإنما كانت لتستقيم القافية, والحشو آفة الشعر العمودي خاصة, فتلزم براعة كبيرة حتى تستوي الفكرة على البيت من دون مفردات زائدة.
لقد تفضّل أستاذنا الفاضل العربي حمدوش بتقديم برزخ الخلود في مقدمة من 10 صفحات, تطرق فيها باختصار إلى مواضيع القصائد, وبعض جمالياتها, ولكن الشاعرة ابت إلا أن تقدم نفسها في أول نص عنونته, توقيع سهامي, فنجدها تناجي الشعر, وتحاول أن تقبض على لحظة الإلهام فتصورها كلحظة استكانة وانتفاضة وانتشاء, ليرفعها إلى عاشقة متيمة بالحرف,
إن تضوعتَ انتشت روحي وقالت  في حنين
كم أحبك.
ثم تعود إلى صورتها فيه, فتعود للإحباط والاصطدام بالواقع,
إنني المولوع في عمق التجني
هائما يطوي الزمان
حالما تطويه أقدار بليدة
تلو أحلام سعيدة.
تختلف قصائد الديوان في موضوعاتها, منها ما هي عامة, كالقضية الفلسطينية, ورسائل الغرام إلى مدينة الصخرة, قسنطينة, المدينة الساحرة, ومسقط رأس الشاعرة, ومربع صباها, وخطواتها الأولى في الحياة والشعر, وهناك قصيدة عن مدينة تيديس الأثرية, وأخرى عن الدورة التي أقيمت في جامعة الأمير عبد القادر الإسلامية, (دورة العروض وتذوق الشعر), برعاية مؤسسة البابطين, فنرى نوع من القصائد, يتميز بإطلاق الأحكام, والتقرير, ولكن هناك من القصائد ما هو ذاتي, في صميم الشعرية الحديثة, ومن ذلك مثلا قصيدتها عتاب لؤلؤة, وذلك الاستحضار الجميل والمميز لرمز الشمعة, فقد وفقت الشاعرة إلى حد كبير في استجلاء أبعاد الرمز وتأويلاته المختلفة, فجاء بناء القصيدة متماسكا يثبت بأننا ولا شك أمام شاعرة بإمكانها أن تفعل اكثر بكثير من هذا.
ومما يجدر التطرق إليه هو أن الشاعرة مهوسة بالتراكيب المستحيلة, وخير دليل على هذا الكلام عنوان المجموعة برزخ الخلود, فالبرزخ لغة هو الحاجز بين شيئيْن, أو زمنين, وهذا معناه أنه طال أو قصر مرحلة مؤقتة, لكن الشاعرة أردفته إلى لفظ الخلود بمعناه اللانهائي, لينبني هذا التركيب المستحيل بين لفظتين متناقضتين, ونفس الشيء نقول عن عنوان قصيدتها, غيث وأقمار, فالغيث يستدعي السحاب بالتالي غياب القمر, لكن الشاعرة جمعتهما معا, لحاجتها إلى النور والماء معا حتى يفيا قدر الممدوح الذي أنار وسقى مشاتل الشعر بدأبه المشهود.
استوقفتني هذه الأسئلة وأخرى, وأنا أطالع هذا المولود الجديد الذي ازدانت به مكتبة الشعر القسنطيني الجزائري العربي, والذي نرجو أن يكون فاتحة خير على الشاعرة وعلى واقع الأدب في بلادنا وأمتنا.
أما هذه الملاحظات, فلا تعدو أن تكون أكثر من انطباعات قارئ, وقد تختلف الأذواق, وهي لا تنقص بأي حال من الأحوال من قيمة الديوان, ولا قيمة الجهد المبذول لتأليفه, وإخراجه, فإن قارئ برزخ الخلود على موعد مع الكثير من الأمور الجميلة والجديدة المطروحة بحسّ راق, وقلب محب وإنسانية خالصة, فسهام بوقرة مثال للشاعر الملتزم والذي لا تشغله حياته الخاصة وآلامه الذاتية عن قضايا وطنة وأمته.
وخير ما أختم به هذا الصفحة هذه المقطوعة التي أوردتها في الصفحة الرابعة من الغلاف,
لملمي الأفق وطوفي
في نقاطي وحروفي
واقرئيني كيف شئتِ
في انتشائي وعزوفي
بسملي إن شئت قبلا
ثم غوصي في كهوفي
فأنا في البوح طفل
وبحال الصمت صوفي
وأنا مد وجزر

للأماني والصروف

الأربعاء، 6 مايو 2015

http://www.elhayat.net/article23211.html

================
الأدب والسياسية بقلم شوقي ريغي

يقول المثل الفرنسي, السياسة فنّ الكذب, وقد قال جوبلز وزير الإعلام الألماني في عهد هتلر, اكذب, ثم اكذب, ثم اكذب حتى يصدقك الناس, وفي سنة 2011 نشر جون ميرشايمر كتابه (حقيقة الكذب في العلاقات السياسية الدولية), وقد أسهب في تفصيل العلاقة بين السياسة والأكاذيب, أنواعها, والأسوأ بينها, وسلسلة طويلة من الكذبات التاريخية, أما الأدب فهو عكس ذلك تماما, إنه الصدق بالمطلق, وبمعانيه الجزئية التي تصنع ذلك الكل, وقد عبر الشاعر قديما فقال,
وإن أحسن بيت أنت قائله
بيت يقال إذا أنشدته صدقا
لكن هذا في الظاهر فقط, فمنذ البداية, منذ ملاحم جيلجاميش والمهابهارتا والإلياذة, وأدباء العرب الجاهليون مع عصبيتهم القبلية, وحتى اليوم, لن تجد كاتبا واحد لا يثير مسائل سياسية, بأكثر أو أقل صراحة, وبأكثر أو أقل وعي, فالسياسة تصنع الواقع, وتضمن استمراره, والأدب بطبيعته هو نقد مستمر لهذا الواقع. إنه ثوري, ومتحرك, ومتطلّع لما هو أسمى, ومن هنا تحدث تقاطعات عرضية, وتداخل في الصلاحيات, وقد رافقت كتابات مكسيم غوركي, وألكسندر هيرزن الثورة البلشفية, وغذت أفكار فولتير وروسو الثورة الفرنسية, وقد كان نجيب محفوظ أقل الكتاب خوضا في سياسة بلده, ولكن هذا لم يمنع السلطات المصرية من منع دخول ثلاثيته, وروايته الأشهر أولاد حارتنا إلى مصر حتى سنة 2006, بعدما صدرت ببيروت في 1962.
إلى درجة معينة تتداخل السياسة, والأدب في كلّ العالم, وعلى مرّ التاريخ, لكن في الجزائر, هناك أزمة حقيقية, مرض, حيث تقرأ دواوين شعرية أو روايات تختص لخدمة توجه سياسي معين بكلّ مساوئه, مع العلم أن الغالبية العظمى من الأحزاب الجزائرية مريضة لا تعكس توجهات معينة بل شخصيات معينة, زعامات, وديكتاتوريات مصغرة, وهذا أهون الضرر, لأن هؤلاء وإن لم يكونوا أدباء فهم على الأقل أناس يعرفون مصلحتهم أين, الأسوأ منهم هم هؤلاء المعارضين بدوام كامل, والذين زاد الفيسبوك درجة نشاطهم, , فهم يعلّقون وراء كل وزير, أو سفير, ويعارضون من أجل المعارضة, وأحيانا بعبارات, وقراءات أتفه مما قال ذلك الوزير أو السفير, وتحطّ من قيمة أصحابها, وقد تكون مسلية أحيانا, ولكنها أبدا لا تبني ولا تزيد شيئا للقارئ.

إن صفة معارض, أو مؤيد, لا تليق بكاتب, فكلاهما يخفي نصف الحقيقة, وهذه جريمة في شرع الأدب والأدباء الذين يحترمون أقلامهم, الأديب الحقيقي هو من يملك جرأة الاعتراف بمنافسيه, وخصومه, فمجاله الفكرة, والحياة تتسع دائما لفكرتين, وهذا ما لا يفعله السياسيون, فمجالهم الكرسي, وهو لا يتسع أبدا لمؤخرتين. 

الأربعاء، 18 مارس 2015

فوبيا الاسلام في الرواية الجزائرية/ بقلم شوقي ريغي

فوبيا الاسلام في الرواية الجزائرية المعاصرة, بقلم شوقي ريغي.
--------------------------------------------------------------
طالعت في الفترة الأخيرة عددا غير قليل من الروايات الجزائرية التي صدرت في هذه السنوات وقد دعاني إلى كتابة هذا الموضوع ما شهدته في حملة نصرة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام بعد هجوم الذي تعرض له من طرف تلك الصحيفة الفرنسية, فالغرابة أن كل الذين رفعوا شعارات أنا محمد, أو أنا أتبع محمد, وكأني بهم لم يقرؤوا ما يكتبه (المسلمون) في السنوات الأخيرة عن أنفسهم.
لأن المطلوب حماية الإسلام منا, أكثر من الغرب, الخطر الذي يتهدد الإسلام والمسلمين أصبح داخليا, الخطر أن تستولي تلك الجماعة الإرهابية على اسم الدولة الإسلامية, ونحن نتفرج, مع أن الدولة الإسلامية أوسع من هذا؟ جغرافيّا على الأقل؟ وعرقيا؟ فهي تمتد الدولة من المغرب إلى إندونيسيا, ولو كان جميع المسلمين بذلك الفكر لأبادوا العالم, وأنفسهم.
يقول البعض أن هذا صناعة غربية, أن داعش وأخواتها ليست إلا أداة في يد الغرب الكاره للإسلام والذي لن يرضى عنه حتى نتبع ملته, قد يكونون على حق, قد يكون ما نحن فيه نتيجة لتخطيط غربي شرير يريد ضربنا وتحطيمنا, لكن, ماذا فعلنا نحن في المقابل, أولا إنها تتم بأيادي أولادنا, ويبقى أن نسألهم عن الظروف التي أوصلتهم هناك, وثانيا, لأننا نقول أن هذا ليس هو الإسلام, ومع ذلك نستمر بوصفه بالإسلامي, وتسمح جرائدنا, وشاشاتنا بهذا, وتكتبه بالبنط العريض, الدولة الإسلامية تبيد, الدولة الإسلامية تحرق, الدولة الإسلامية تقتل, عندما تسأل طفل صغير في الحي, ما رأيك فيما تفعل الدولة الإسلامية؟ يجيبك إن ما يفعلون لا يمت للإسلام بصلة, الإسلام ليس هذا, لكن الآخر, الغير, طفل أوروبي, أمريكي أو آسيوي, هل يستطيع أن يفرق بين الدولة الإسلامية, والدولة الإسلامية التي تمتد من إندونيسيا إلى المغرب, والتي ليست شعوبا إرهابية أو جلها ليس كذلك ولا يتبنى ذلك الفكر.
هل نستطيع أن نقنع طفلا أوروبيا أن هناك فرق بين الدولة الإسلامية والدولة الإسلامية؟ في حين أن فكرة الإسلامي الإرهابي مربدّة في عقولنا نحن, متداخلة, وغير واضحة, فنحن منذ زمن طويل لم نعد قادرين على تمييز الحدود بين المسلم والإرهابي, حتى في شوارعنا, حتى في نظراتنا إلى بعض, أكثر, حتى أدبائنا وكتابنا الذين وجدوا كي يجدوا حلولا, وكي يكونوا منصفين, اختلط الأمر على كثير منهم, وكثيرا ما أسمع لفظة متشدد أو إرهابي أو غيرها, يطلقها إنسان كلما رأى آخر بلحية وقميص أبيض, مع أن الإرهابيين يلبسون ألبسة عسكرية, وليس قمصانا بيضاء, ولا ينبغي لهم.
والذي شد انتباهي هو غياب هذه الظاهرة عند الشعراء, ففي حدود ما قرأت من الشعر لم أجد قصيدة واحدة تربط بين الإسلامي والإرهابي, حتى عند أكبر الشعراء تطرفا إلى اليسار, وألح هذا السؤال في ذهني لماذا؟ لماذا هو عند الروائيين وليس الشعراء, إنها قضية على المختصين أن يلتفتوا إليها, الأمر يحتاج إلى كتب متخصصة تدرس الظاهرة وليس إلى مقال صغير في جريدة, خاصة عندما نعرف أن الكلام عن الإرهاب يأخذ جانبه من نظم الشعراء, سيما الذين عايشوا العشرية السوداء, حين أصبح الحقل الدلالي المشترك بين الشعراء, هو قنبلة, مجزرة, دم, دمار, يُتم, وغيرها من المفردات التي تصف ما عشناه تلك السنوات العشر, لكن الأمر كما يبدو كان مفصولا فيه بين الإسلام والإرهاب, ونستطيع أن نقرأ دواوين ودواوين تتحدث عن الإرهاب ولا شيء غيره, كما هو الحال عند زينب الأعوج, وديوانها نوارة لهبيلة, وديوان نور الدين طيبي, وهو يقف عند الطرف الأقصى من اليسار, فها هو يصف إرهابيا,
والذباب الذي يتوعدني بالطنين
يتوعده شرك العنكبوت.
لا زينب الأعوج, ولا طيبي, ولا أي شاعر ممن قرأت لهم, اليساري منهم والمتطرف, لا أحد يربط بين الإسلام والإرهاب, هذه هي الأوصاف دائما, الذباب, المجرمون, القردة, القتلة, الكلاب, الوحوش, فالشعر من حيث هو محلي, من حيث هو روح من الصعب إخراجها من جسدها, وعالم لا يرتسم إلا بلغته المحلية, ولا يستطيع أن ينسلخ من جلدته.
لا يستطيع أن يلبس الآخر (العالمي), ليحاكم ويقاصص من حوله, لأن الآخر لا يتكلم لغته. المحلية, والوطنية, والقومية, فهؤلاء مجاله الحيوي, قضيته, قارئه, والمعني الأول بخطابه ومحاولته للتغيير, عكس هذا يفعل الروائيون, فالرواية من كونها لغة عالمية لا تفقد إلا القليل عندما تحوّل إلى لغات أخرى, فهي تصبو لأن تكون تلك العين الثالثة, وتستطيع أن تصطف إلى جانب الآخر لأنها تخاطبه أيضا.
لأنها تستهدفه كذلك, تستطيع أن تنسل من عالمها وواقعها لأنها قارة على تجنبه, أن تلغيه وتعده في ثوب العدو, الآخر.
يقول اليمين بن تومي في روايته هنا يسكن الحرام, هذه المجموعات صارت تتلقى الفتاوى من كل حدب وصوب، من الشرق والغرب، من فقهاء وشيوخ لا يتقنون غير إطلاق لحاهم وتبييض ترومهم بأقمصة بيضاء يظهرون على شاشات التلفاز في غاية الطهر والنقاء والتقوى، ولكن أفواههم مجرد مجاري مائية نتنة يصدرون فتاوى التكفير التي دفع ثمنها الآلاف وبأبشع الصور..
وفي رواية دوار العتمة لوافية بن مسعود, نجد هذا الحوار الصغير,
- ما الذي أتى بك إلى هنا؟ ماذا تحتاج مني؟
- السلام عليكم.. قالت أمك أن أراقبك وأضمن أن تلتزمي بحدود الله.
- لا سلام لا كلام.. أمي تعرف البيت لتحدثني فيما شاءت، وأنت ليس لديك سلطة علي أتفهم..
- الله لديه سلطة عليك ونحن هنا لنقنعك بذلك أو نفرضه عليك..
تقول ياسمينة صالح في وطن من زجاج, وجدتني أدخل إلى الأحياء الشعبية التي يقال عنها محررة, بموجب انتماءاتها الـ(عقائدية), دخلتها لأكتشف الناس يمارسون الحياة بطرق مختلفة وبقناعات مختلفة, الرجال بقمصانهم الطويلة ولحاهم المسترسلة والنساء بجلبابهن الأسود, فيخيل إليك أنك دخلت إلى دولة أخرى قابعة على خطوتين من الخط الفاصل بين الدهشة والدهشة, لم اكن خائفا ولا سعيدا ولا منبهرا.
يمكنني أن أسوق العشرات من الأمثلة لأقول شيئا واحدا, أن نخرج قليلا من قشرة الإنسان الجزائري المسلم لننظر إلينا من الخارج, ونعرض أنفسنا للحساب.
أن ننفلت من ذواتنا, ومركزيتها حتى نعرف عنا أكثر, فنصحح ما نراه خطأ, ونثبت ما نراه حسنا, هذا شيء جميل علينا التمسك به, ولكن, على ألا يتحول إلى واجهة تشوه صورتنا عند الآخر.
وإلا, فلماذا نحاكم الغرب, ونتهمه؟ بما أننا من فتح له باب محاكمتنا, وبما أننا نقول عن أنفسنا هذا الكلام زمنا طويلا قبله.

ذات صباح, أفقت على خبر في جريدة, نتنياهو يحذر الملوك والحكام العرب من المد الشيعي, ضحكت كأي مواطن عادي, كأي جزائري ليس جديرا أن يأخذ أبدا نصيحة بنيامين على محمل الجد, أو يتوجس منها على أقل تقدير, لكن اكتشفت أن الكثيرين تبنوا نصيحته, وعملوا بها, الواقع يقول ذلك, ما نحن فيه يقول ذلك, في حين أن منبع مشاكلنا واحد, وقضيتنا واحدة, الصهاينة الذين اكتسبوا شرعية عسكرية من خلال آلة قتل وقمع لم تعرف لها البشرية نضير, الآن هم في صدد اكتساب شرعية فكرية وثقافية, على المسلمين, كتابهم, وشعرائهم, وكل طبقاتهم أن يقفوا بوجهها, ولكن ليس بالقتل والتحريق, والتكفير, ولكن بإصلاح ذات البين, وبعث الروح في الأخلاق التي باتت جسدا خواء, العدالة, والتعايش, والحوار, وإذا اختلفتم في الأمر فردوه إلى فلسطين, إن كان يخدم فلسطين والفلسطينيين فهو ما يجدر بنا ولنا أن نعتنقه, أما ما يضر فلسطين والفلسطينيين, فهو ما يضر الأمة العربية الإسلامية, ويشرخها أكثر, فالحرب حرب صليبية منذ أعلنها جورج بوش الإبن, ذات مساء, قبل أن يتراجع عن كلامه, ولكن ليس عن أفعاله.

الأربعاء، 28 يناير 2015

هل هي خطة صغيرة داخل المخطط الأكبر؟

على عكس الجمعيات ذات الطابع السياسي، أو الرياضي، أو حتى الخيري، والتي تستفيد أكثر بتوفر مثل هذه المنابر، ومواقع الدعاية (المجانية)، كان لمواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاتصال الحديثة تأثيرا مدمرا على أداء الجمعيات(الثقافية) أو جلها، فالجمعية في الأصل مجردرابط بين مجموعة من الأشخاص لتحقيق فائدة غير مادية، لذلك يمكن اعتبار المجموعات الفيسبوكية جمعيات غير معتمدة، توفر تقريبا ما توفره أي جمعية ثقافية. تقاسُمَالمعلومة، ومشاركةُ الأفكار، وإيصال الصوت، بل إن المجموعات الافتراضية قد توفّر أكثّر من الجمعيات التقليدية من حيث حرية الرأي، والاختلاف، والتواصل بسهولة أكثر، فأنت في منزلك، على سريرك، في المطبخ، أو في خمس دقائق مسروقة من ساعات العمل، بكبسة سحرية تصل إلى مجموعتك، ويمكنك الاطلاع، والمشاركة في كل ما قيل وأنت غائب، مع العراقيل البيروقراطية التي تميّز طبيعة العمل الجمعوي في الجزائر، وفي العالم، والتي أقلّها الانخراط، والتنقل، وتوفر مقرّ، يصبح الاختيار تحصيل حاصل.
يؤسّس الجمعيات عادة وينخرط فيها أشخاص تتوفر فيهم روح التطوّع، والتضحية، والقدرة على الاتحاد، والعمل ضمن مجموعة، والولاء، وهذه التزامات شاقة باعتبار هذا العصر المادي، الغارق في السهولة، والرفاهية، و(الحرية)، ومع توفر بديل كالفيسبوك، أو تويتر، والذي يعطيك أيضا الحقّ في صوت مساو لأيّ صوت آخر -فلا رئيس، ولا مكتب ولا أمانة قد تأخذ عنك قرارات-تتناقص الجدوى من إنشاء جمعيات أو الانخراط فيها. هذا ما أدى إلى تفتت وضعف كثير من الجمعيات ذات الباع، من مثل اتحاد الكتاب الجزائريين، وغيره. مغرياتكثيرة ومتنوعة ضد كيان واحد، أسلحة، وعوامل تتضافر لتحطيم هذا البناء الذي كان يترعرع بين أحضانه الشعراء والكتاب الكبار.
فالجمعية التي تطلب أن تتوفر في أعضائها تلك الخصال، حبّ التطوع، والتضحية، والولاء، وغيرها، هي أيضا تربّيها، من خلال الاحتكاك المباشر، والعمل الميداني، والنقد المتبادل بين أشخاص متفاوتي الخبرة، الجمعية تربّي على الالتزام، والنظام. الجمعية تقرب وتحتوي، فهي قد تضم أشخاصا بأفكار وعقائد وإيديولوجيات مختلفة، لكنهم يعملون جنبا إلى جنب في إطار واحد، وهذا يصقل الأفكار،ويغذيها، أما مواقع التواصل الاجتماعي، فهي ليست من التواصل في شيء، لأنك ستقوم بحذف وتجاهل كل من لا يعجبك كلامه، أو حتى طريقة كلامه، وستكتفي بمن يقولون لك الأشياء التي تحب أن تسمعها، ويكتفي كل طرف من سماع الطرف الآخر نهائيا، مواقع التواصل الاجتماعي إنما هي مواقع للقطيعة والانغلاق، تنمّي الكسل، وعدم الالتزام، وهي التي تحمل الحرية كشعار، أشد أعداء الحرية قمعا، إنها تملك كل شيء عنك، اسمك، وهاتفك، وعنوانك، وعائلتك، وأفكارك في قاعدة بيانات كبرى، وهي، تقترح عليك أصدقاءك، وتجرّك من عضو فاعل إلى مجرد اسم افتراضي.
الجمعية تستأثر بالنشاط الجواري، أي أن القارئ المحتمل قد يسمع بنشاط قريب من منزله، وهو ربما لاعب كرة، أو طبيب، فيحضر، ولو من باب الفضول، يحضر ليأخذ فكرة، أو قد ينجر ليكون قارئا فعليا، وربما مشاركا في الحياة الثقافية، بينما يعزل الفيسبوك الناس عن بعضها ضمن الاهتمامات الأساسية، لاعب الكرة سيبقى لمشجعيه، والطبيب لمرضاه.فهل هي خطة صغيرة داخل المخطط الأكبر؟ هل هي لعبة أخرى من ألاعيب هذا (النظام العالمي الجديد)، هذه الوحدة الجديدة، والتي لن تتحقق إلا بتحطيم الوحدات الأخرى. الجمعية، العائلة، القبيلة، وحتى الوطن، والوطن القومي، أم أن الزمن سيثبت العكس؟ المهم، أن الجمعيات اليوم، وكل هذه الوحدات، هي أمام تحديات كبرى، وصمودها، أو انهيارها، سيحدد معالم كثيرة أخرى في حياة البشر.


يومية الحياة 13/01/2015

معاناة السينما معاناة الرواية


يعود أول فيلم جزائري (الليل يخاف من الشمس) لمصطفى بديع، إلى سنة (1965)، يليه (ريح الأوراس) للخضر حامينا (1966)، هذا إذا استثنينا طبعا الأفلام الكولونيالية التي كانت تنتج من طرف معمرين فرنسيين في أرض الجزائر، والتي تعود إلى القرن التاسع عشر، فتاريخ السينما في الجزائر قصير مقارنة بالسينما العالمية، وحتى الآن، فأنت لا تستطيع أن تتكلم عن سينما في غياب قاعات عرض، المشكلة هي البداية، الأساس، والهيكل، هناك ولايات جزائرية لا تحوز على قاعة عرض واحدة، فما بالك بالدوائر، والبلديات.

في العالم الحديث نتكلم عن الصناعة السينمائية، القطاع في الأصل هو قطاع اقتصادي يذر أرباحا قبل أن نتكلم عن أنه مستهلك للآداب، ومبشر بالأفكار، وناشر للثقافة، والوعي، إنه قطاع منتج (تجاريا)، يساهم في اقتصاد الوطن (ضريبيا)، ويوفر مناصب عمل، فلماذا يتجاهله المستثمرون؟ وتتجاهله الدولة؟ 
هل الرواية الجزائرية ضعيفة بحيث لا تغري المخرجين، والمنتجين؟ أم أن الأخيرين أدنى ثقافة من أن يقرؤوا رواية جزائرية جديدة؟ أو يعرفوها؟ أو يسمعوا بها أصلا؟ إننا بعيدون حتى عن طرح هذا التساؤل، لم نبلغ هذه المرحلة بعد، هذا الكلام سابق لزمانه، ونحن، في هذا المجال، أكثر تخلفا من أن نعطي أنفسنا الحق في نقاش كهذا، بما أننا لم نبدأ من البداية، من إعادة الاعتبار لقاعة العرض، وتعميمها، وإعطائها صبغتها الترجارية المربحة والتي تضمن لها الاستمرار .
ومعاناة السينما الجزائرية، هي معاناة الرواية، الرواية التي ليست مشروع فيلم، مسلسل، وثائقي، أو تاريخي، هي رواية موؤودة، لن تعرف أبدا جمهورها الحقيقي، الواسع، والتي تستهدفه، لتحقق على الأقل الربح المادي، والذي يسمح للكاتب بكتابة نص آخر، وللكتابة بحرية أكثر، بما أن الارتباط بالقلم، فقط، هو أوج حرية الكاتب.
الكتّاب في الجزائر، والسينمائيون يعيشون على الجوائز، وينتظرون المهرجانات، وحدها الجوائز والمهرجانات هي ما يتيح للكاتب أن يعيش كاتبا، أو للسينمائي أن يعيش سينمائيا، ولهذا صارت الجوائز هوس الغالبية، ولهذا نصاب بما يشبه الإحباط الجماعي كلما خلت قائمة إحدى الجوائز من أسماء جزائرية، عدا ذلك، بقايا المبدعين الجزائريين وحتى الفنانين الكبار يزاولون حرفا أخرى، ليعيشوا، وليكسبوا لقمتهم، وهذا يجعل العمل الإبداعي يبقى دائما مجرد هواية، غواية، أو ترف، ولن ندخل أبدا عالم الاحتراف، والاحتراف هو ما من شأنه أن يعيد الحياة، للكتابة، وصناعة السينما، والثقافة ككل.
الاحتراف هو ما يعطي الأشياء قيمتها، يثمّنها، ويبعث المنافسة، وما يفعله الكتاب اليوم، والسينمائيون، لن يبتعد عن محاولة مد أجل لأمر يبدو محسوما، الجهود الفردية التي نراها هنا وهناك من خلال بعض الروايات التي تتحول أفلاما، بعض الروايات المكتوبة على حدة، أو الأفلام التي يختار مخرجوها أن يكتبوا نصوصهم الخاصة، كل هذا ما هو إلا شعلة نحيلة تحاول أن تصل إلى جيل يمكن أن يفعل بها شيئا (صحيحا).
أما السؤال الذين علينا أن نطرحه اليوم، فهو السؤال البدائي، العتبة الأولى، متى نبدأ 
التفكير في بناء وتعميم دور السينما في بلادنا؟
يومية الحياة 28/01/2015