الجمعة، 5 ديسمبر 2014


تتحدث عن الجزائر إبان العشرية السوداء صدور رواية" لم أكن ميتة قبل لقائك" لشوقي ريغي"
صدر منذ أيام للكاتب"شوقي ريغي" عن دار فاصلة للنشر والتوزيع أول رواياته"لم أكن ميتة قبل لقائك" بعد مشواره الطويل مع الشعر، حيث يتناول العمل أحداث حول العشرية السوداء في الجزائر في الفترة مابين سنة 1991 و2001. رواية"لم أكن ميتة قبل لقاءك" تعد أول إصدار سردي للكاتب القسنطيني"شوقي ريغي"الذي اعتدنا على قراءة دواوينه الشعرية، حيث تأتي في 240 صفحة مقسمة على ستة فصول، دارت أحداثها في الفترة الممتدة من 1991 إلى 2001 بعدة مدن جزائرية هي مدينة قسنطينة، تمنارت، الأخضرية، مناطق بالجزائر، أما عن أحداث الرواية فقد قال مؤلفها أنها تتخذ من عشرية الجزائر السوداء مدادا لفصولها، بدايتها، أسبابها، مآسيها، ومحاولات الصلح التي تخلّلتها، وقد تكون الرواية في ذاتها محاولة للصلح، وإن كان توجّهها الواقعي لا يُظهر ذلك بصورة واضحة، فلا وجود لمصطلح المصالحة أو الوئام أو غيرها لفظا ولا شعارا، إنها تحاول أن تصالح ولكن بأكثر إنصاف، ووعي، هذا واضاف أن الرواية تنزل إلى عمق الشارع الجزائري، إلى الأحياء الفوضوية التي تخنق أغلبية المدن الجزائرية الموروثة عن الاستعمارّ، وما هذه إلا مثال، المدينة التي (لا تتوسّع، إنها تتكدّس وتكتظ، لقد تضاعف السكان عشرين مرّة، لكنّ قسنطينة لم تصبح أكبر، المساحة كلّها رأس جبل صخريّ، وطبيعيّ أن ينزلق الفائض إلى الهاوية". أما عن بطل الرواية فحسب ذات المتحدث هو فارس يقطن على المنتصف بين المدينة الموروثة عن الاستعمار، ومحيطها الفوضوي بحيّ السيلوك ويعاني بعض الاضطرابات النفسية بسبب المحيط وعلاقته السيئة مع والديه، وخصوصا والدته (ظلّت تخوّفني من الآخرين حتّى صرت أخافهم, ظلّت تحزنني حتّى ظننت أنّ السعادة خطأ, عاشت تؤلمني حتّى تخلّيت عن الفرح, كلُّ ما يسعدني لا يسعدها، كلّ ما يهمّني لا يهمّها، ومهما كانت نجاحاتي فسأبقى أسوأ الناس في عينيها). وتبدأ الرواية عندما أنهى البطل دراسته الجامعية بتفوّق، وبدأ يشتغل على سيارة أبيه (التاكسي) في انتظار وظيفة في مجال تخصصه، أين بدأ يرسم الخطوط الأولى لمستقبله، تعرّف إلى فتاة أحلامه بحرة، الفتاة المتحرّرة، والتي خاض معها تجربة عاطفية معقّدة والقارئ للفصول الاولى يتبادر إلى ذهنه أنّه أمام عمل رومانسي، ثم تبدأ الانقلابات السياسية في الجزائر مع أحداث أكتوبر 1988، ووصلت إلى اغتيال رابع رؤساء الجزائر محمد بوضياف، المعروف بـ(سي الطيب الوطني)، ونشْأةِ الجيوش الإسلامية، وحقيقتها، وانقسامها. لتكون بداية المجازر اليومية ليجد الكثيرون أنفسهم متورّطين أو ضحايا الفتنة التي اشتعلت، وأتت على الأخضر واليابس في بلد ما زال يلملم أشلاءه، وبطل الرواية واحد من هؤلاء، ومع أنه التزم الحياد منذ بداية الأمر، إلا أنه اشتبه في قضية قتل شرطي، وكانت السياسة المعلنة وقتها هي الضرب بقبضة من حديد، ليتحوّل الجامعي العاشق إلى عضو في مجموعة إجرامية تتحرك في أدغال تمنارت ثم الأخضرية، مجموعة حاولت استغلاله ليصبح فدائيا رغم إرادته، بعد ثلاث سنوات، وبتدخّل من القدر، حصل على دليل براءته، وسلّم نفسه قبل أن تتلطّخ يداه بالدماء. 
الكثير من الألم والخيبات، من التزييف، التسخير، المغالطات، التحايل، كثير من التشويق، أخطاء، وندم، ومحاولات للتدارك. الرواية تغوص في المجتمع الجزائري بجزئياته، قضاياه الصغيرة، والكبرى، ووصف شامل وعادل للمدينة التي ستكون عاصمة للثقافة العربية 2015 ، بنهاية وإن كانت عادلة جدا فهي ليست سعيدة تماما،  بقلم شديد الوعي، حريص حتى لا يظلم ولا يدافع، متشكك في مجتمع أنهكه الانغلاق بالإشاعات وتضارب الأخبار. 

وردة رجال (جريدة الجمهور)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق